خطبة الجمعة 20 أغسطس 2021م : جبر الخواطر عبادة ، للشيخ عبد الناصر بليح
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 20 أغسطس 2021م : جبر الخواطر عبادة ، للشيخ عبد الناصر بليح ، بتاريخ: 12 محرم 1443هـ – الموافق 20 أغسطس 2021م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 أغسطس 2021م ، للشيخ عبد الناصر بليح : جبر الخواطر عبادة.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 أغسطس 2021م ، للشيخ عبد الناصر بليح : جبر الخواطر عبادة ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 أغسطس 2021م ، للشيخ عبد الناصر بليح : جبر الخواطر عبادة ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة ، للشيخ عبد الناصر بليح : جبر الخواطر عبادة : كما يلي:
خطبة الجمعة القادمة جبر الخواطر عبادة
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد فيا جماعة الإسلام.. “هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ”(الرحمن/60).
عباد الله: “حديثنا إليكم اليوم عن خلق قد افتقدناه في هذه الأيام وعبادة قد تلاشت من مجتمعاتنا ألا وهي جبر الخواطر نعم عبادة جليلة وخلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس وعظمة قلب وسلامة صدر ورجاحة عقل، يجبر المسلم فيه نفوساً كسرت وقلوباً فطرت وأجساماً أرهقت فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها، يقول الإمام سفيان الثوري: “ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم”.
ومما يؤسس لجبر الخواطر في القرآن الكريم: قوله تعالى: “فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ”(يوسف:15). فكان هذا الوحي من الله سبحانه وتعالى لتثبيت قلب يوسف ولجبر خاطره؛ لأنه ظلم وأوذي من أخوته والمظلوم يحتاج إلى جبر خاطر، لذلك شرع لنا جبر الخواطر المنكسرة ..
ومما يعطي هذا المصطلح جمالاً أن الجبر كلمة مأخوذة من أسماء الله الحسنى وهو “الجبار” وهذا الاسم بمعناه الرائع يُطمئنُ القلبَ ويريحُ النفس فهو سُبْحَانَهُ “الذِي يَجْبُرُ الفَقرَ بِالغِنَى، والمَرَضَ بِالصِحَّةِ، والخَيبَةَ والفَشَلَ بالتَّوْفِيقِ والأَمَلِ، والخَوفَ والحزنَ بالأَمنِ والاطمِئنَانِ، فَهُوَ جَبَّارٌ مُتصِفٌ بِكَثْرَةِ جَبْرِهِ حَوَائِجَ الخَلَائِقِ” (تفسير أسماء الله للزجاج.
وجبر النفوس كان من الدعاء الملازم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول بين السجدتين: “اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني” (الترمذي). لذلك استجاب الله له وجبر بخاطره في الكثير من المواقف حيث يقول: “وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى”(الضحى.
وانظر لروعة العطاء المستمر في هذه الآية حتى يصل بالمسلم لحالة الرضا، فهذه الآية رسالة إلى كل مهموم ومغموم، وتسلية لصاحب الحاجة، وفرج لكل من وقع ببلاء وفتنة؛ أن الله يجبر كل قلب لجأ إليه بصدق.
والنبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لما قال اللهمَّ! أُمَّتي أُمَّتي وبكى. فقال اللهُ عزَّ وجلَّ: “يا جبريلُ! اذهب إلى محمدٍ، وربُّكَ أعلمُ، فسَلهُ ما يُبكيكَ؟ فأتاهُ جبريلُ فسَألهُ. فأخبرهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بما قالَ. وهو أعلمُ. فقال اللهُ :”يا جبريلُ ! اذهبْ إلى محمدٍ فقلْ: “إنَّا سنُرضيكَ في أُمَّتكَ ولا نَسُوءُكَ” (مسلم).
عباد الله:” ورسول الله أعظم من جبر الخواطر. فما رد سائلاً قط بل كان يرشد الصحابة للحل ويدلهم على الطريق ويطيب خاطرهم فقد دخل صلي الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال :”يا أبا أمامة، مالي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: “هموم لزمتني، وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله -عز وجل- همك، وقضى عنك دينك، قلت: بلى يا رسول الله؟ قال: قل إذا أصبحت، وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم، والحزن، وأعوذ بك من العجز، والكسل، وأعوذ بك من الجبن، والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين، وقهر الرجال، قال أبو أمامة: ففعلت ذلك، فأذهب الله -عز وجل- همي وقضى عني ديني”(أبوداود).
بل إنه صلي الله عليه وسلم جبر بخواطرنا نحن الذين نحبه ونشتاق إليه ونتمنى لو كنا إلى جانبه نذود عنه وننافح عن دعوته، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: “السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ووَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا “قَالُوا: “أَوَلَسْنَا إِخْوَانُكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: “بَلْ أَنْتُمْ أَصْحابِي، وَإِخْوَانُنَا لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ، فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: “أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ، أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟” فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: “فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ”(مسلم).
وكان صلي الله عليه وسلم من عظمة جبره للخواطر يخبر المؤمن الذي وقع في الدين والهم ولم يستطع السداد أنه يسد عنه دينه حياً وميتاً شريطة أن يكون قد استدان عن فاقة وحاجة ونوي أن يسدد الديون: “مَن أخَذَ أمْوالَ النَّاسِ يُرِيدُ أداءَها أدَّى اللَّهُ عنْه، ومَن أخَذَ يُرِيدُ إتْلافَها أتْلَفَهُ اللَّهُ “(البخاري). فكان صلي الله عليه وسلم إذا خطب حمد الله واثني عليه ثم يقول: “أَنَا أَوْلَى بكُلِّ مُؤْمِنٍ مِن نَفْسِهِ، مَن تَرَكَ مَالًا فَلأَهْلِهِ، وَمَن تَرَكَ دَيْنًا، أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ”(مسلم). أي: أنا أَولى بهِ مِن نفسِه في رعايتِه وهِدايَتِه، “مَن ترَكَ مالاً فلأَهلِه، ومَن ترَكَ دَينًا أو ضياعًا” مِن أَطفال وأناس يعولُهم، “فإليَّ وعليَّ”، فهو صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقضي عنهُ ذلكَ الدَّينَ ويَرعى مَن يَعولُ، وهذا مِن حسْنِ أَخلاقِ النَّبيِّ ومُؤازرتِه للمُسلِمينَ وحرصِه على عدَمِ ضَياعِهم. وجبراً لخاطرهم وفي رواية يقول صلى الله عليه وسلم قال: ” ما مِن مُؤْمِنٍ إلَّا وأنا أوْلَى النَّاسِ به في الدُّنْيا والآخِرَةِ، اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {النبيُّ أوْلَى بالمُؤْمِنِينَ مِن أنْفُسِهِمْ}[الأحزاب: 6]، فأيُّما مُؤْمِنٍ تَرَكَ مالًا فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَن كانُوا، فإنْ تَرَكَ دَيْنًا، أوْ ضَياعًا فَلْيَأْتِنِي فأنا مَوْلاهُ”(البخاري).
عباد الله:” من عظمة هذا الخلق أن مواقف الجبر في لحظات الانكسار لا تُنسى أبدا. مواقف نحتاجها في لحظات الحزن الكئيب كحاجة الفجر للشمس في لحظات المغيب. مواقف ليست لكل عابر من حياتك وإنما هي لواحد فقط لم ولن تنساها له
ولا شك أن كل إنسان منا قد حُفر في ذاكرته أشخاص كان لهم الدور الفاعل والعمل الدءوب بمواقف سطرت وحفظت سواء بالقول أو الفعل أو رسالة أو فكرة أو كلمة خير جبرت نفوسا وأثلجت صدورا، فهذه المواقف تحفظ ولا تنسى، كما لم ينس النبي صلي الله عليه وسلم موقف المطعم بن عدي حين أدخله في جواره يوم عودته من الطائف حزيناً أسيفاً فقال يوم أسر أسرى بدر : “لو كان المطعم بن عدي حياً وكلمني في هؤلاء النتنى لأجبته فيهم”( البخاري).ودخلت امرأة من الأنصار على السيدة عائشة في حادث الإفك، وبكت معها كثيراً دون أن تنطق بكلمة، فقالت عائشة :”لا أنساها لها”.
وكما لم ينس الإمام أحمد أبا الهيثم فكان يدعو له في كل صلاة: “اللهم اغفر لأبي الهيثم اللهم ارحم أبا الهيثم قال ابن الإمام له: “من يكون أبو الهيثم حتى تدعو له في كل صلاة، قال: “رجل لما مُدت يدي إلى العقاب وأُخرجت للسياط إذا أنا بإنسان يجذب ثوبي من ورائي ويقول لي: “تعرفني؟ قلـت: لا. قال أنا أبو الهيثم العيار اللص الطرار، مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني ضُربت ثمانية عشر ألف سوط بالتفاريق وصبرت في ذلك على طاعة الشيطان لأجل الدنيا فاصبر أنت في طاعة الرحمن لأجل الدين”(مناقب الإمام أحمد/ ابن الجوزي (450(
نعم المواقف في جبر الخواطر لا تنسى..
عندما تاب اللهُ تعالى على كعبٍ بن مالك بعدما تخلَّف عن تبوك؛ دخل المسجدَ مستبشرًا فقام إليه طلحةُ يُهرول ثمّ احتضنه قال كعب: لا أنساها لِـطلحة!
أحيانًا لا تحتاج سِوى مثل تلك الهرولة من أخ قريب صادق لك يخبرك أنّك لست وحدك، بل إنّه يحزن لحزنك ويفرح لفرحك. أحياناً لا تحتاج سِوى لمثل ذلك من أخ قريب صادق لك! مواقف الجبر في لحظات الانكسار لا تُنسى اجبروا خواطر من حولكم فمن سار بين الناس جابرا للخواطر أدركته عناية الله في المخاطر.
عباد الله:” أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:”
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد فيا عباد الله لازلنا نواصل الحديث عن ذلك الخلق الرفيع وتلك العبادة الجليلة “جبر الخواطر “فما أحوجنا في هذا الزمان إلى مواساة الناس والتخفيف عنهم وتطييب خاطرهم؛ لأن أصحاب القلوب المنكسرة كثيرون، نظراً لشدة الظلم الاجتماعي في هذا الزمان، وفساد ذمم الناس واختلاف نواياهم، ففي مجتمعاتنا ترى أن هذه معلقة لا هي زوجة ولا هي مطلقة، وهذه أرملة، وذاك مسكين، وهذا يتيم، والآخر عليه ديون وغم وهم، وهذا لا يجد جامعة، وذاك لا يجد وظيفة، وهذا لا يجد زوجة، أو لا يجد زواجاً، وذاك مريض والآخر مبتلى…والهموم كثيرة. وتطييب الخاطر لا يحتاج إلى كثير جهد ولا كبير طاقة فربما يكفي البعض كلمة: من ذكر، أو دعاء، أو موعظة، وربما يحتاج الآخر لمساعدة، وينقص ذاك جاه، وينتظر البعض قضاء حاجة، ويكتفي البعض الآخر بابتسامة، فعلينا أن نجتهد بإدخال الفرح والسرور إلى قلوب إخواننا ولا نبخل على أنفسنا، فالصدقة والخير نفعه يعود إليك. امرأة ضاقت أحوال زوجها فذهبت إلى الأمير وطرقت الباب فخرج أحد الخدم وقال لها ماذا تريدين؟ فقالت أريد أن أقابل سيدك. فقال من أنتِ؟ قالت: “أخبره أنني أخته. الخادم يعلم أن سيده ليس عنده أخت فدخل وقال لسيده: “امرأة على الباب تدعي أنها أختك” فقال: “أدخلها”. فدخلت، فقابلها بوجهٍ هاشّاً باشّاً وسألها من أي إخوتي يرحمك الله؟ فقالت أختك من آدم: “فقال رحمٌ مقطوعة! والله سأكون أول من يصلها فقالت: يا أخي ربما يخفى على مثلك أن الفقر مُرُّ المذاق ومن أجله وقفت مع زوجي على باب الطلاق فهل عندكم شيئاً ليوم التلاق فما عندكم ينفذ وما عند الله باق ..
قال: أعيدي، فأعادت ما قالت قال: “أعيدي “فأعادت الثالثة ثم قال في الرابعة أعيدي فقالت: “لا أظنك لم تفهمني والإعادة مذلة لي وما اعتدت أن أذل نفسي لغير الله فقال: “والله ما أعجبني إلا حسن حديثك ولو أعدت ألف مرة لأعطيتك عن كل مرة ألف درهم.
ثم قال لخدمه أعطوها من الجِمال عشرة ومن النوق عشرة ومن الغنم ما تشاء ومن الأموال فوق ما تشاء لنعمل شيئاً ليوم التلاق فما عندنا ينفذ وما عند الله باق”.
أتى أعرابي إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال:
يا عُمرَ الخيرِ جُزيتَ الجنة اُكْسُ بُنيّاتي وأُمّهن
وكــُن لنا من الزمـان جُـنّـهْ أُقسم بالله لَـتَفعَـلَنّ
فقال عمر رضي الله عنه: فإن لم أفعل يكون ماذا؟ فقال الأعرابي: إذاً أبا حفص لأذهبنّ فقال عمر رضي الله عنه: “فإذا ذهبتَ يكون ماذا؟ فقال: يكون عن حالي لتـُسألـنّ يومَ تكون الأعطياتُ هَنّ وموقفُ المسئول بينهُنّ إما إلى نارٍ وإما إلى جنّهْ فبكى عمر رضي الله عنه حتى اخضلت لحيته ثم قال: “يا غلام اعطه قميصي هذا لذلك اليوم وليس لشِعرِ”اللهم فرج هم المسلمين وارزقهم الرزق الحلال الطيب المبارك فيه ووسع عليهم مع رضاك وألِّف بينهم يا رب العالمين عباد الله أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله وأقم الصلاة..
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف